• 2020-10-25

جمعية الإصلاح تستنكر بشدة تصريحات الرئيس الفرنسي المسيئة تجاه نبي الإسلام ﷺَ

تستنكر جمعية الإصلاح بأشد العبارات تصريحات إمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية التي أدلى بها على خلفية قضية الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، والتي سبقها بتصريحاته في الأمم المتحدة حول "أزمة" مزعومة في نظره يمر بها الإسلام في كل مكان.
إن هذه التصريحات تتجاوز ما ادعاه ماكرون من كونها تنطلق من اعتقاد فرنسا "الراسخ" بحرية التعبير، لتمثل تحريضًا واضحًا على الإساءة لدين عظيم يؤمن به قرابة ملياري نسمة يمثلون حوالي ربع سكان العالم، وتعديًا واضحًا على نبي عظيم يقدسه المسلمون في جميع أنحاء العالم، منهم ما يقارب ستة ملايين مسلم يعيشون في فرنسا.
إن هذا التحريض السافر، أدى خلال فترة وجيزة إلى اشتعال الكراهية داخل المجتمع الفرنسي، تتحمل مسؤوليتها هذه التصريحات الرعناء، والتي جاءت من شخصية يفترض أن تتوحد في ظلها كل فئات الشعب، لكنه أبى إلا أن يسفر عن وجهه الحقيقي، وأن يرمي الإسلام النقي ونبيه الطاهر الكريم بدائه الذي أزكمت رائحته الأنوف، وكأنه يريد بذلك - إلى جانب إهانة الإسلام والمسلمين - خلخلة العلاقة الطيبة التي تعيش فيها الجموع الإسلامية في مختلف الدول الغربية مع شعوب هذه الدول.
إن مما يبعث على الاشمئزاز والاستغراب صدور مثل هذه التصريحات المسيئة للإسلام من رأس الدولة الفرنسية دون خجل، ولو أردنا لعددنا هنا عشرات الأمثلة من تاريخ فرنسا الحديث تناقض ما تدعيه تصريحات ماكرون من كونها حارسة للعلمانية والتنوير وحرية التعبير، تبدأ من ملايين الضحايا الذين قتلتهم الجيوش الاستعمارية الفرنسية في مختلف أنحاء العالم، منهم ما يقارب عشرة ملايين شهيد في الجزائر وحدها خلال فترة الاحتلال الفرنسي كما أكدت مصادر جزائرية وفرنسية، وصولًا إلى حرمان المرأة المسلمة الفرنسية من أبسط حقوقها إذا مارست حقها في اختيار اللباس الذي ترغب في ارتدائه. إن الحديث الاستعلائي المتغطرس حول الإسلام وتعاليمه، وتقمص الشخصية المستنيرة لم يعد ينطلي على الشعوب الغربية فضلًا عن الشعوب الإسلامية، في وقت أخذ الإسلام ينتشر بفكره المنير بين شعوب أوروبا، لا تحده قوانين، ولا توقفه سدود. ولو كان العالمُ منصفًا، لطالب ماكرون وفرنسا بالاعتذار عن تاريخهم الأسود في الدول المحتلة بدل هذا التطاول الوقح على دين الإسلام.
لقد حرص الإسلام الحنيف - منذ بدأ - على أن يعاشر غيره على المياسرة واللطف، وأن يرعى حسن الجوار فيما يشرع من قوانين ويضع من تقاليد، وعلى احترام شخصية المخالف له، ولم يفرض قط على غير المسلمين أحكامه في الحلال والحرام، ولم يلجأ قط إلى قهرهم على الخضوع لشرائعه، أو المساس الجائر بأموالهم وأعراضهم وحقوقهم، بل تركهم وما يدينون، وتاريخ الإسلام في هذا المجال أنصع تاريخ على وجه الأرض، وشواهد ذلك أكثر من أن تحتويها سطور معدودة، وليت فرنسا وغيرها من مدعي التنوير والعلمانية تقترب ولو من بعيد من ليونة الإسلام وسماحته.
إن جمعية الإصلاح تدعو إلى موقف موحد للأمة الإسلامية في مواجهة التصريحات الاستفزازية التي أطلقها ماكرون، موقف يتجاوز حالة التشرذم والاختلاف والفرقة التي تعيشها الأمة الإسلامية على المستوى الرسمي والشعبي.
إن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم هي الرموز الجامعة التي توحد هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها، والتي ينبغي أن ترتفع فوق الخلافات السياسية والمواقف الوقتية.
إننا ندعو الحكومات العربية والإسلامية إلى اتخاذ كافة الإجراءات على مختلف المستويات القانونية والدبلوماسية والاقتصادية للرد على الإساءات المتكررة التي يطلقها الرئيس الفرنسي في حق الإسلام ونبي الإسلام.
أما على المستوى الشعبي، فإننا ندعو كافة الشعوب المسلمة إلى نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، وأن يتخذوا من تحامل المغرضين على الإسلام - في الداخل والخارج - فرصة مواتية لتجلية دعوته السمحة، وشرح تاريخه، وتفنيد المفتريات الموجهة إليه، وأن يترفعوا عن المناكفات العقيمة والشتائم المتبادلة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يرتفعوا إلى مستوى التحديات التي تواجه الإسلام الحنيف، وأن يكونوا نماذج تعكس الصورة الحقيقية للإسلام في جميع المجالات داخل دولهم وخارجها.
وأخيرًا، فإن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، والإسلام نفسه، ليس بحاجة إلى أن يدافع أحد عنه، لا من المسلمين ولا من غيرهم، فالله تعالى قد تكفل بحفظ دينه، ووعد بأن يظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، كما تكفل عز وجل بالدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: "والله يعصمك من الناس"، وقال: "فسيكفيكهم الله"، وقال عز وجل: "إنا كفيناك المستهزئين". لكننا نحن الذين نحتاج للدفاع عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، اعتزازًا بهذا الدين الذي أعزنا الله به، ونصرة لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، وإبقاءً لجذوة العزة والكرامة مشتعلة في نفوسنا ونفوس أبنائنا، بعد أن كادت تخبو جراء تطاول الأقزام، ووقاحة التافهين، وقبل كل هذا وذاك، إبراء لذمتنا أمام الله عز وجل الذي يقول: "إلا تنصروه فقد نصره الله"، والذي يستنفرنا وهو الغني عنا: "وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".
والله أكبر والعزة للإسلام.
مملكة البحرين
8 ربيع الأول 1441هـ / 25 أكتوبر 2020

آخر الأخبار