• 2020-12-04

تأملات

أدرك نفسك

د.محمد شاطر

الكاتب / د.محمد شاطر

حينما ضجت الدنيا في الآونة الأخيرة بالغضب العارم من تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون الداعمة للرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وانتفض المسلمون في كل مكان من العالم يردون على تلك التصريحات بكلمات الشجب والاستنكار تارة وبمقاطعة المنتجات الفرنسية تارة أخرى، ومنهم من ينشر المقاطع المرئية والمنشورات المصورة التي تُعرِّف بالحبيب صلى الله عليه وسلم وسيرته، فهذا الجهد في حد ذاته مطلوب ومحمود ونشجع عليه، ولكن السؤال الذي سألته لنفسي وأرغب أن يسأله كل واحد لنفسه: أين أنت من اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم؟! وهل تقتدي بأقواله وأفعاله وأخلاقه؟!
استوقفني السؤال كثيرًا، ووجدت أن الخطر الحقيقي يحيط بنا عندما قصرنا في اتباع تعاليم ديننا وفرطنا في هدي نبينا حتى أصابنا الوهن، والذي جعل مثل هؤلاء الشرذمة يتطاولون على قرآننا ويسخرون من نبينا الكريم ونحن أمة المليارين، هذا الضعف في التمسك بتعاليم ديننا في شتى مجالات حياتنا والتفريط في الاقتداء بخلق النبي العدنان في جميع سلوكنا جعلنا كثيرون في العدد ولكن كغثاء السيل، وهذا السؤال جعلني انتبه.. الرسول رفع الله ذكره وأعلى قدره القرآن تعهد بحفظه حتى قيام الساعة، وخشيت أن تدركنا سنة الاستبدال: "وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم".
أدرك نفسك وحاسبها وانظر إلى جوانب تقصيرها وألزمها باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وتعلم سيرته، واجعل ذلك كله واقعًا في أقوالك وأفعالك وحياتك كلها، فقد جعل الله شرطًا واحدًا لمن يتشرف بصيانة هذا الدين والدفاع عن رسوله هو التزام تعاليم الإسلام والقيام بشرائعه: "الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"، فإن لم تكن أنت من يُمَكن لهذا الدين على يده كان غيرك ممن التزم بالشرط، وقوافل الحق وركبانها لن تنتهي إلى قيام الساعة وعليك أن تدرك إحداها قبل فوات الآوان، فاغتنم الفرصة الآن واجعل ردك على كل صاغر يقصد هذا الدين ونبيه بسوء هو التزامك بأمر الله وسنة ورسوله عليه الصلاة والسلام أولًا، ثم اتخاذ ما ترى من وسائل شرعية ناجعة، ولن تتحقق نصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم بواحدة دون الأخرى بل لا بد أن يجتمعا.

آخر المقالات

  • قاعدة (ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب) ونماذج من تطبيقاتها في الدّعوة والعمل الإسلامي

    2022-12-23

    هذه إحدى القواعد الفقهيّة الّتي يكثر تداولها في كتب الفقه ومصادره، ومفادها أنّ كلّ وسيلة لا يُتوصّل إلى فِعْل الواجب إلاّ بها فهي واجبة، لأنّ إيجاد الفعل المأمور به إذا توقّف على إيجاد شيء آخر كان هذا الشّيء واجباً، وكما أنّ وسيلة المحرّم محرّمة فكذل...

  • ريح يوسف ورجاء يعقوب

    2022-12-22

    سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...

  • فاسألوا أهل الذكر (10)

    2022-12-22

    🔹 السؤال: رجل أشكل عليه موضوع فسأل عدداً من الفقهاء المتخصصين في علوم الشريعة، وكل واحد أجابه بجواب مختلف، فهل يجوز له أن يأخذ من أقوالهم أيسرها وأخَفِّها عليه؟ الجواب : إذا كنت قادراً على النظر في أدلة مَن أفتاك والترجيح بينها تبَعاً لقوة الدلي...

  • حينما يسبق الأفراد القيادة

    2022-12-21

    القيادة بمثابة الرأس للجسد؛ فهي القاطرة التي تقود المؤسسة أو الكيان إلى النجاح والتقدم، والتاريخ مليء بقيادات غيَّرت وجه التاريخ، وأولها بالطبع القائد الأعظم صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت القيادة بهذه الأهمية وهذا التأثير فلابد لها من مجموعة خصائص وم...

  • سمكة المجداف

    2022-12-21

    تشير بعض المصادر العلمية إلى أن السمكة المسماة سمكة المجداف عاشت على مدى زمني طويل جداً! وهي ذات أنف عجيب ويُعتقَد ان لديها القدرة على التنبؤ بالزلازل! ولملايين السنين كان نهر يانغتسي بالصين (وهو ثالث أطول أنهار العالم بعد النيل والأمازون) مأوى لأصن...

  • بروتوكول وآداب تناول الطعام

    2022-12-20

    عندما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لتناول الطعام مرة وجد أن يد الصحابي الغلام (عمر بن أبي سلمة) رضي الله عنه تطيش في الإناء، فقال صلى الله عليه وسلم بكل هدوء ومن غير غضب أو زجْر بهدف تعليم الغلام وتعليم الأمة واحدة من أهم آداب تناول الطعام وخاصة ...